الحكومة تكشف تفاصيل الوضع الاقتصادى وسط مطالب بتحفيز القطاع الخاص

25 أكتوبر, 2022

مدبولي: مصر من الدول الأكثر تأثرا.. وأولويتنا كبح التضخم

وجهت الحكومة رسائل طمأنة قوية إلى مجتمع الأعمال والمستثمرين خلال اليوم الأول للمؤتمر الاقتصادى، بحضور رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسى، والذى حمل عنوان «خارطة طريق للاقتصاد أكثر تنافسية».

وتنظم الحكومة مؤتمراً اقتصادياً على مدار 3 أيام ينتهى غداً الثلاثاء، فى إطار استكمال مسار الإصلاح والنهوض بالاقتصاد المصرى، تشارك فيه جميع الوزارات مع خبراء ومسئولى كبرى الشركات العاملة فى السوق.

شملت رسائل الطمأنة تركيز وسعى الحكومة لكبح جماح التضخم، من خلال المضى قدما فى تنفيذ سياسات الإصلاح، والعمل على إلغاء الاعتمادات المستندية.

قال السيسى إنه يجب اتخاذ إجراءات واضحة لمعالجة كل المشكلات التى تواجه الاقتصاد المصرى، موضحا أن الأزمات الحالية التى نعانى منها تتطلب وضع حلول جذرية.

وتابع: «أستثمر رصيدى لدى الشعب المصرى فى تمرير عملية الإصلاح والبناء»، لافتا إلى أن قدرة الدولة ومواردها لا تستطيع تلبية احتياجات المواطنين.

 

وألمح إلى أنه تم تنفيذ مشروعات خلال الـ 8 سنوات الماضية بقيمة بلغت 7 تريليونات جنيه، وهو ما اعتبره رقما متواضعا يوازى حجم اقتصاد دول صغيرة – على حد تعبيره، مبينا أن حجم الحلول المتاحة أمام الدولة أقل من التحديات التى تواجهها. 

ولفت إلى أن الحكومة لم تتحمل أى مبالغ فى تكلفة إنشاء مشروع العاصمة الإدارية الجديدة، منوها بأن البعض يتعامل مع الدولة كخصم فى مواجهة تحديات المجتمع- على حد قوله.

 

وعلق: لم يكن الجهاز الإدارى للدولة مستعدا بالكفاءة المطلوبة لتنفيذ خطط الإصلاح الاقتصادى، معتبرا أن حالة التشكيك فى الدولة المصرية مستمرة منذ 80 عاما، وأن استمرارها يخلق مجتمعا غير سوى.

واستطرد: شجاعة القرار مطلوبة لمجابهة التحديات، وفى الماضى لم تكن الحكومات تتحمل قرارات صعبة، مشيرا إلى أن غياب الوعى والفهم فى تشخيص ما نحن فيه وحلول العبور من الأزمة. 

من جانبه، قال الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، إن المؤتمر الاقتصادى يأتى فى خضم أزمة عالمية لم تشهدها دول العالم منذ الحرب العالمية الثانية، مشيرا إلى أن كل حكومات الدول المتقدمة اقتصاديا تسارع من أجل النجاة وضمان استقرار البلاد.

 

ولفت مدبولى إلى أن مصر ليست بمنأى عن هذه الدول، إذ صنفت من كل المؤسسات الدولية بأنها كانت من الدول الأكثر تأثرا بهذه الأزمة العالمية، مؤكدا أن المؤتمر يهدف إلى الخروج بخارطة طريق واضحة للاقتصاد خلال الفترة القادمة.

وأعلن أن الأولوية بالنسبة للحكومة حاليا تتمثل فى التركيز على كبح جماح التضخم وليس سعر العملة المحلية، مؤكدا أنها بصدد إلغاء الاعتمادات المستندية خلال الفترة المقبلة، تنفيذا لتكليفات رئيس الجمهورية قبل نحو أسبوعين. 

وأضاف: «لو لم تتدخّل الدولة وتُنشئ مشروعات قومية تنموية، لوصلت البطالة إلى %15.4 أى أكثر من الضعف، ولكان الاقتصاد المصرى سينكمش خلال العامين الماليين الماضيين بواقع %1.34 و%0.90 بدلا من النمو».

وألمح إلى أن الدولة المصرية بدأت خطوة نحو الإصلاح الاقتصادى التى اتخذتها فى عام 2016 وبدأت منذ حينها نسب نمو الاقتصاد المصرى فى التصاعد، رغم أن هذه الفترة شهدت بدء ظهور جائحة كورونا فى عام 2020، والتى استمرت لمدة عامين، ثم أعقبها الأزمة الروسية ـ الأوكرانية، ومع ذلك، سجل الاقتصاد المصرى العام المالى الماضى فى يونيو 2022، نسبة نمو بلغت %6.6 وكان متوسط النمو خلال الفترة كلها %5.3 مقارنة مع %4.4 فى الفترة السابقة، و%2.3 فى السنوات ما قبل 2016/2015.

ونوه رئيس الوزراء بأن صندوق النقد الدولى توقع -رغم كل التحديات- ارتفاع نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالى فى مصر إلى 4800 دولار بحلول عام 2025، نتيجة للمشروعات التى تنفذها الدولة، والتى أسهمت فى تحقيق أعلى معدلات للتشغيل منذ 30 عاما.

وأضاف: «لذلك تمكنت الدولة من خفض معدل البطالة لأدنى مستوى لها رغم ارتفاع قوة العمل مع الزيادة السكانية، ففى عام 2013 بلغت نسبة البطالة %13 وكانت قوة العمل وقتها %28.4 وفى عام 2021 وصلت إلى %7.2 بينما تقترب قوة العمل من 30 مليوناً، حيث تم بذل جهد مُضاعف ونجحنا فى خفض مُعدل البطالة، واستوعبنا أيضاً الزيادة السكانية التى حدثت خلال هذه الفترة». 

 

وتطرقت الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، إلى أن الحكومة نفذت 3 برامج للإصلاح الاقتصادى سابقا، ولكن لأول مرة وضع الرئيس خلال العام الماضى أول برنامج أدخل فيه القطاعات الإنتاجية الأساسية، والتى سجلت نموا بنسبة %26 خلال العام المالى 2020/2019، فيما تستهدف الحكومة الوصول إلى %30 فى عام 2025. 

وقالت إن الحكومة تسعى لزيادة نصيب الفرد فى الصادرات الصناعية وتحسن حصته فى مؤشر الأمن الغذائى، موضحة أن القطاعات الصناعية والإنتاجية وزنها النسبى كبير فى الناتج المحلى، كما أن لدينا صادرات تستطيع التنافس فى الأسواق العالمية.

وأوضحت أن البنوك المركزية رفعت أسعار الفائدة لمحاولة السيطرة على معدلات التضخم، ومن ثم بدأ خروج رأسمال من الاقتصادات الناشئة فى ظل تأثير 3 دول على اقتصادات العالم ومعدلات التضخم وهي: أمريكا، الصين، اليابان.

 

واستعرض محمد العريان، الخبير الاقتصادى، صورة مبسطة للوضع الكلى للاقتصاد العالمى، وموقع مصر، قائلا: واقعنا المؤلم فرض علينا العيش فى حيز محفوف بالتحديات وهو النظام المالى العالمى، وقد ولدت تلك التحديات من رحم الدول المتقدمة واقتصادات مجموعة السبع على وجه الخصوص، مؤكدا أنه كلما زاد عدم الاستقرار فى الدول المتقدمة، تفاقمت هشاشة الاقتصاد العالمي؛ مما يجعل الأمر أكثر تعقيداً بالنسبة للدول الأخرى.

وذكر العريان أن هناك أسبابا متعددة تحول دون استقرار جميع الاقتصادات المتقدمة؛ ففى الولايات المتحدة يحاول البنك الفيدرالى الأمريكى كبح جماح التضخم، إلا أنه وقع فى خطأ تصنيف التضخم بوصفه مؤقتاً، وبالتالى فشل فى تبنى التدابير اللازمة، ويعمل حاليا على رفع سعر الفائدة بمعدلات تعد الأسرع فى التاريخ.

وتبنى الخبير الاقتصادى العالمى رؤية مستقبلية متشائمة، قائلا: الأسوأ لم يأت بعد، فالعجز فى نمو الاقتصاد العالمى هو القضية الأولى التى نواجهها الآن، بينما تتمثل الثانية فى ارتفاع التضخم، بعدما تحول من كونه ناتجًا عن صدمة الأزمة الروسية الأوكرانية إلى تضخم أوسع نطاقًا، مما يجبر البنوك المركزية على اتخاذ خيارات صعبة للغاية.

وأكد هانى جنينة، المحلل الاقتصادى والمحاضر لدى الجامعة الأمريكية بالقاهرة، أن الدولة المصرية ستتجه إلى تغيير سياساتها النقدية خلال المرحلة المقبلة، فى إطار تصحيح المسار الاقتصادى وتخفيف الأعباء عن كاهل المواطنين، علاوة على خفض العجز فى ميزان المدفوعات.

وقال جنينة  إن الحكومة تستهدف السيطرة على معدلات التضخم الحالية من خلال ضبط سعر الصرف، والسيطرة على حجم الدين الخارجى للبلاد، مبينا أن القطاع المصرفى قد يتجه إلى رفع سعر الفائدة فى إطار ترشيد الإنفاق وإتاحة السيولة بالسوق المحلية.

من جهته، قال المهندس وليد جمال الدين، رئيس المجلس التصديرى لمواد البناء، إن الحضور الرئاسى والحكومى يبرهن على جدية الدولة فى دعم وتشجيع الصناعة، متوقعا انفراجة فى حل التحديات أمام القطاع الخاص فى الفترة المقبلة.

وأوضح جمال الدين  أن إعلان رئيس الوزراء عن نية الحكومة إلغاء الاعتمادات المستندية هى الخطوة الأهم حاليا، مطالبا بسرعة التنفيذ لتوفير المكونات والخامات للصناعة الوطنية.

كما شدد على ضرورة القضاء على البيروقراطية فى الهيئات الحكومية، وأبرزها «التنمية الصناعية» و«هيئة الاستثمار»، مع اختصار الوقت فى عملية تراخيص المصانع والشركات، ووضع حوافز جمركية وضريبية بشكل عاجل لجذب مزيد من الاستثمار الأجنبى.

1
X